كتب- شريف ربيع
عُقد يومي الخميس والجمعة الماضيين الموافقين 18 و 19 مايو الجاري منتدى “روسيا والعالم الإسلامي” في العاصمة التتارستانية قازان، في نسخته الرابعة عشرة، بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي بهدف تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والاجتماعية والثقافية، وشارك به 85 دولة، وحضره نحو 16 ألف مشارك.
تركزت الموضوعات الأساسية للمنتدى حول التمويل الإسلامي والصناعات الحلال، وتضمن برنامجه نحو 200 فعالية، ويعد فرصة كبيرة للتقارب والاستثمار بين روسيا ودول المنظمة في مختلف المجالات.
الإرادة السياسية.
في هذا الصدد قال الدكتور أحمد مصطفى، مدير مركز آسيا للدراسات السياسية والاقتصادية وأحد المشاركين في المنتدى ممثلا عن مصر، إن هذا المنتدى لا يقل ثقلًا ولا تنظيما عن أي فاعليات أو منتدى عالمي مهم خصوصًا منتدى “دافوس” أو منتدى الدوحة الاقتصادي أو قمة شرم الشيخ الخاصة بالمناخ “cop 27″.
وأضاف مصطفى لـ”ع المكشوف” أن اقتصاد الثقة ينمو أولا من خلال الإرادة السياسية ما بين الدول الحاضرة في هذه المنتديات والفاعليات، وتيسير المعاملات الاقتصادية والتجارية، وألا يكون الحضور للتشريف فقط ولا بد أن تكون هناك خطوات جادة لعقد اتفاقيات مع الدولة المضيفة،
والإعداد الجيد لأجندة جيدة مثل ما هو مطلوب تحقيقه؟ وما هي مميزات المضيف عني في المجالات الاقتصادية وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي والبرمجيات والتعدين والإنشاءات والفضاء والرياضيات والفيزياء؛ فكل هذه الأمور تمتاز بها روسيا عن باقي الدول الإسلامية المشاركة في المنتدى؛ ومن هنا يمكن بناء اقتصاد الثقة بين الجانبين ثم التعرف على الشركات الحاضرة ومحاولة عقد لقاءات جانبية من خلال المكاتب التجارية والممثليات التجارية، وإعداد ذلك قبل أي لقاء مهم كهذا المنتدى بما لا يقل عن أسبوعين أو شهر.
وأردف أن الاستثمار في المجال الإعلامي كان أحد النقاط التي طرحها في ورقته البحثية الخاصة بمشاركته في المنتدى، خصوصًا أن تكنولوجيا المعلومات تيسر الكثير جدا وتعطي تغطية للأحداث ولا تسمح بوجود أي حاجز في تغطية أي حدث كبير أو حدث إعلامي، على سبيل المثال كانت هناك مواقع أمريكية محجوبة داخل روسيا وقد استخدم برنامج ” vpn” الذي تخطى هذه المحظورات الغربية، وبالفعل نشر كل الفاعليات التي حدثت خلال المنتدى وعلق عليها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
الدور الإعلامي
ولفت إلى أن هناك تقصيرًا من الجانب الروسي من الناحية الإعلامية بخصوص هذه الجزئية، وهناك نظرة لدى الشعب الروسي بعض الصور النمطية الخاطئة المأخوذة عن العالم العربي والإسلامي والأفريقي؛ فيجب أن تهتم القنوات الكبرى مثل “روسيا اليوم” و”روسيا 1″، والرئيس بوتين يمكنه إنشاء محطات إعلامية وعمل برامج تدريبية مشتركة ما بين الجانبين من شباب الإعلاميين، وحتى على مستويات أخرى الخاصة برجال الأعمال والاقتصاد عموما؛ وهذا سيزيد ثقل الدور الروسي على مستوى العالم؛ فالصين مثلا لها 6 أو 7 محطات إعلامية تختص بأفريقيا وحدها، فموسكو تحتاج إلى محطة كبيرة تكون موجودة مثلا في القاهرة والجزائر، ودول غرب أفريقيا، ودول شرق القارة كإثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا؛ وهذا يزيد ثقل روسيا إعلاميا ويقرب بين وجهات نظرها وبقية دول العالم الإسلامي وأفريقيا ودول الجنوب؛ فالإعلام يمكنه لعب دور رائع وحساس في كل أوجه التعاون بين الدول سياسيا وثقافيا واقتصاديا واستراتيجيا، إضافة إلى إمكانه أن يكون مصدرًا اقتصاديا يدر دخلا على الدول التي تستثمر في هذا المجال الإعلامي.
وتابع الباحث السياسي أنه بغض النظر عن الوجهة الاقتصادية الأساسية للمنتدى، فقد كان بمثابة فرصة رائعة لعرض وجهات النظر السياسية أيضًا، ويمكن لروسيا اعتباره ردا على العقوبات الغربية والمنصات الإعلامية المعادية لها، ودول العالم الإسلامي أيضا بما يضاد فكرة الهيمنة والسيطرة التي تحاول أمريكا فرضها على العالم بالقوة البلطجة والسلاح؛ وبالتالي أعطى هذا المنتدى من ناحية التنظيم والحضور الذي وصل لنحو 16 ألف ما بين خبير ومتحدث ورجل أعمال وسياسي واقتصادي، أو فرق ترفيهية تقدم عروضا فنية وثقافية تعبر عن هوية دولها؛ فكل هذا أعطى انطباعا عالميا أن روسيا ليست دولة معزولة وأنها قوية ويمكنها تنظيم فاعليات لا تقل وربما تزيد عن منتديات مهمة كـ”دافوس”، فعلى سبيل المثال طرق المواصلات ووسائله وأماكن الإقامة خلال المنتدى كانت أفضل ما يمكن، لدرجة أنه قبل دخولنا المنتدى أجري لنا جميعًا اختبار “كورونا” حتى لا تحدث أية إصابات وسط هذا الجمع الكبير.
وبالنسبة للجانب المصري شدد الباحث على ضرورة وجود وإعداد جيد لأجندة قوية لإجراء اتفاقات أو على الأقل مذكرات تفاهم ما بين الجانب المصري والدول الأخرى المشاركة خصوصا الدولة المضيفة روسيا، وأن يكون لديه أوراق عمل تدعم فكرة التعاون بين القاهرة وبقية العواصم المشاركة، وألا تكون فكرتنا أحادية ووجهتنا نحو أوروبا والولايات المتحدة فقط.